بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

الخروج من جدران الذات .. بقلم الدكتور السيد إبراهيم

الخروج من جدران الذات...

لا أدري لماذا نهوى الانكفاء خلف جدران ذواتنا، كل هم يجد له مكانه الطبيعي على رفوف حياتنا، الذكريات السيئة مازالت تعشش في أركاننا، والأحداث التي فيها مواقف سلبية مجرد تذكرها يجلب الكدر، ويبدد الصفو، على الرغم من أن الزمن قد طواها برماله البطيئة الزاحفة جزئيًا أو طمرها تمامًا، مع أن تذكرها في ذاته لا يشكل أي أهمية مكانية أو زمانية في حياتنا حين نجلبها.
ليس لهذه الذكريات أهمية في مجريات الأحداث اليومية؛ فقد فات أوانها ومضى زمانها بل وشخوصه؛ فمنهم من توفاه الله، أو هاجر، أو حتى نسي، ولكن هي العادة العربية التي لا تكاد تهاجرنا، الميل إلى الحزن إلى ما يبكينا، إلى جلد ذواتنا، وندب حظوظنا، دومًا نرى حظ الآخر أحسن وأفضل، ونرى دومًا أن هناك تقصير ما، قد يكون تقصير منَّا في حق أنفسنا، أو تقصير من الغير تجاهنا، ولكننا لا نبحث عن تقصيرنا في حق الآخرين.
في زحمة الحياة تقع الذكريات الجميلة الكثيرة ولكننا دومًا نحجمها نصغرها، بدعوى أن لحظات الفرح قصيرة، مع أن الذي يتحكم في طولها وقصرها هو نحن، أي أن كل واحد منا هو "الميقاتي" الوحيد لأوقات فرحه، ولكنه يصر على أن يقلل من أهميتها.
كم من مرة ونحن نتجاذب الحديث مع أصدقائنا نتذكر الأشياء التي تدخل البهجة على نفوسنا، مع أن كل أسباب الحياة السعيدة والتعيسة أيضًا حولنا متوفرة، ومع ذلك للسعادة مكان.
لماذا لا نوسع دائرة الأشياء التي تجلب البسمات وليس الضحك، ولو أن الضحك صار مطلوبًا في هذه الأيام؟!
لماذا كلما واجهتنا مشكلة ضاقت الدنيا على اتساعها؟!
لماذا نسجن أنفسنا في دوائر ضيقة، حتى أصبحنا من هواة تحويل كل صغيرة إلى كبيرة؟!
دعونا نخرج من حالة الفلسفة هذه ثم نغلق باب حجراتنا، ونجلس مع أنفسنا، ونستعيد الذكريات الطيبة في حياتنا، ونقسِّمها إلى مراحل عمرنا: فنبدأ من الطفولة وكيف ونحن صغار كنا نلهو ونتشاجر على أتفه الأسباب، ولكن أحذركم قبل أن تمضوا مع موضوع الشجار أن يجركم نحو أسباب تلك المشاجرات؛ إذ عليكم أن تتخطوها نحو ذكرى أجمل وتكبرون مع ذكرياتكم عبر مراحل عمركم التي وصلتم عندها.
لن تتوقف الذكريات الجميلة عند أهلنا وأصدقائنا، بل سيتوسع الأمر أكثر حين نستعير الذكريات الجميلة والمواقف اللذيذة التي حكاها لنا غيرنا، وما سمعناه من المشاهير في كل مجال، وفجأة سيصبح عندكم مكتبة منوعات جميلة من الذكريات السعيدة التي ستدخلونها وتستعيرون منها لحظات طيبة كلما ضاقت بكم الدنيا.
وهنا سؤال يستحق أن يكون موضوعًا آخر: لماذا لا نحمل لبعضنا الفرح؟! أتعرفون لماذا؟
لأن بعضنا أو أكثرنا لا يعرف قيمة الحياة، ونظن أن من يفرح هو شخص تافه، سطحي، غير مهموم بما يدور حولنا، وما يحيكه الأعداء لنا، وأنه إنسان سلبي ليس له موقف من الحياة، أنه يعيش يومه بيومه... وكم جرحتُ.. وأنا هنا أتهم نفسي بالذي ارتكبته في حق أصدقاء من هذه النوعية الطيبة السهلة، ولقد كانوا من أولئك الذين يدفنون همومهم داخلهم، ولا يحبون أن يأتونا بما يعكر صفونا، أو يفسد علينا يومنا أو فرحتنا، وأنا الذي كنت أشكو لهم الهم ولو كان صغيرًا، وكانواّ يتحملونني دون تأفف أو تضجر.
أيها السيدات والسادة، والكبار والصغار:
حان الآن الوقت الذي يجب أن نغلق فيه دفاتر ذكرياتنا الجميلة، ونغادر غرفنا، ونغادر ذواتنا، ولنعش الحياة كما هي .. نتحمل همها كم نتقبل فرحها، ثم نحادث هاتفيًا كل من أسعدونا وحمَّلناهم همومنا، ونتجاذب معهم أطراف الحديث في الأمور التي لا تكدر صفونا، ولا تعكر علينا نهر حياتنا الصافي الجاري، ثم نأخذ نفسًا عميقًا، بعدها سنحس براحة كبيرة، وفهمًا أعمق لمعنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ"، والأخ هنا للتغليب ولو أخذناها بمفهوم أخي وأختي في الإنسانية، فما أكثر الصدقات التي ضيعناها حين عايشنا الهموم، وعبسنا الوجوه، والحمد لله على نعمة الرضا، والانعتاق من الذات.


بائع الفل والمناديل بالميادين .. بقلم الشاعر يوسف أبو شادى

بائع الفلِّ والمناديل بالميادين
يا كلَّ طفلٍ بالشَّوارع هائماً
لتبيع ورداً كى تنال ريالا
أحنى إليك بكلِّ فخرٍ هامتى
يا من تحمَّل فى الحيا أهوالا
فلقد رأيت بُنىَّ فيكَ رجولةً
فاقت رجولةَ من نقول رجالا

يا بائع المنديل فى أوطاننا
قل لى بربك بعتَ كم منديلا
لِمَ لمْ تكن يوما لأخِّكَ قاتلا
أو لم تكن للقاتلين وكيلا
فهناك من باع البلاد وأهلها
وهناك من كان الحقير عميلا
وهناك من يرجو لمصر تزلزلا
وهناك من يرجو لمصر سيولا
يا بائع المنديل صلِّ لربنا
وادعوه حتى يمنح الآمالا
وادعوه أن يحمى لجيش بلادنا
فهم الرجال إذا أردت رجالا
وهم الزهور إذا أردت سلاما
وهم الأسود إذا أردت قتالا
يا بائع المنديل فى أوطاننا
أهديك وردا صانعا أكليلا
فلقد رأيتك فى النوائب صابرا
ولقد رأيتك مخلصا وأصيلا
ولقد رأيتك فى الشدائد باسما
والوجه كان مبشرا وجميلا
ورأيت فيك مواطننا متعففا
تبدو شريفا قانعا ونبيلا
وبعد من باعوا لمصر وأهلها
لك مننا الإكبار والتبجيلا
يوسف أبو شادى



إلى عرفات الله ... تقديم الدكتور حسن صابر

إلى عرفات الله
قصيدة أحمد شوقي
ألحان رياض السنباطي
غناء أم كلثوم
تقديم دكتور/ حسن صابر
ولد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في 20 رجب 1287 هـ الموافق 16 أكتوبر 1868 لأب شركسي وأم من أصول يونانية ، وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل ، وعلى جانب من الغنى والثراء ، فتكفلت بتربية حفيدها ، ونشأ معها في القصر ، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح ، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة ، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية ، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة ، وانكب على دواوين فحول الشعراء حفظًا واستظهارًا ، فبدأ الشعر يجري على لسانه .
وقد تعرفت إليه أم كلثوم قبل أن تتغنى بأشعاره بسنوات طويلة ، حيث رحل فى 13 ديسمبر عام 1932 ، ولم تكن أم كلثوم قد فكرت بعد في تقديم أغنيات من أشعاره . . غنت أم كلثوم لشوقي عشر قصائد كان آخرها عام 1951 حين غنت قصيدة " إلى عرفات الله "، وأخرجها للتليفزيون المخرج أحمد بدرخان فى عام 1963 .
ومن المفارقات الطريفة أن القصيدة التى كتبها شوقى عام 1910 معتذرا للخديوى عباس حلمى عن تهربه من الاستجابة لدعوته له بمصاحبته فى أداء فريضة الحج ، أصبحت هى الأغنية الأشهر فى التعبير عن مشاعر المسلمين ورغبتهم العارمة فى الفوز بالمشاركة فى أداء هذه المناسك واستكمال أركان الإسلام طوال المائة عام الماضية .
فشوقى قد صرح فى قصيدته «إلى عرفات» بأن الخديوى قد خيره بين السفر بسفينة البحر أو مطية البر، لكنه اعتذر متعللا بضعفه وداعيا له بأن يذهب ويعود سالما :
دعانى إليك الصالح ( ابن محمد ) فكان جوابى صالح الدعواتِ
وخيرنى فى سابحٍ أو نجيبةٍ إليك فلم أختر سوى العبراتِ
وقدمت أعذارى وذلى وخشيتى وجئت بضعفى شافعا وشكاتى
أما بيت القصيد الذى يوضح السبب الحقيقى فى إحجام شوقى عن الذهاب لأداء الفريضة ، فهو البيت القائل :
ويا ربِّ . . هل تُغْنى عن العبد حَجَّةٌ ، وفى العمر ما فيه من الهفواتِ ؟
وعلى الرغم من أن أبرز ما يميز هذه القصيدة هو صدق الاعتراف بالضعف الإنسانى وعدم ادعاء الملائكية ، فإن شوقى لم يترك فضاء النص مفتوحا أمام المتلقى ليفسر حجم وطبيعة هذه «الهفوات» وفقا لتخيله ، حيث أعقب البيت السابق بتسعة أبيات تتجاوز الحديث عن الهفوات مشيرة إلى خصاله الكريمة التى تتفق وجوهر الإيمان ، ومنها قوله :
وتشهد ما آذيت نفسا ، ولم أضِرْ ولم أبغِ فى جهرى ولا خطراتى
ولا بِتُّ إلا كابن مريم ، مشفقا على حُسَّدى ، مستغفرا لعداتى
وإنى . . ولا مَنٌّ عليكَ بطاعةٍ أُجلُّ وأغلى فى الفروض زكاتى
أبالغ فيها وهى عدلٌ ورحمةٌ ويتركها النسَّاكُ فى الخلواتِ
لكن البيت اللافت للنظر فى مجموعة الأبيات السابقة التى يبرهن فيها شوقى على عمق إيمانه ، هو البيت القائل :
ولا حملت نفسٌ هوى لبلادها كنفسى ، فى فعلى ، وفى نفثاتى
حيث يرفع شوقى حب الوطن إلى مستوى فرائض الإيمان، متفاخرا بأنه الأخلص فى هذا المجال قولاً وفعلاً .
وقد إستعانت أم كلثوم بأحمد رامي في إجراء تعديلات طفيفة على القصيدة ، واختيار الأبيات المناسبة لتغنيها ، فاختار رامي 25 بيتاً فقط ، وقام بتلحينها رياض السنباطي .
وقد كانت التعديلات التي أجراها رامي فى بعض الأبيات التى اختارها لسببين : الأول الخروج بالنص من الخاص إلى العام ، حيث قام بتعديل مطلع القصيدة من «إلى عرفات الله يا ابن محمد» ليصبح «إلى عرفات الله يا خير زائر»، كما قام بتغيير قول شوقى «إذا زرت يا مولاى قبر محمد» ليصبح «إذا زرت بعد البيت قبر محمد»، وبهذا جرد نص الأغنية من براثن المديح في الخديوي ليصبح صالحا للتعبير عن كل حاج .
أما السبب الثانى فيتمثل فى اختيار ألفاظ أكثر مناسبة للغناء حيث تحولت كلمة «العرصات» فى قول شوقى «لبيتٍ طهورِ الساحِ والعرصات» إلى «الشرفات»، وكلمة «أرى الناس أصنافا» إلى «أفواجا»، وتحول حرف الجر «مع» فى قول شوقى «وفاضت مع الدمع العيون مهابة» إلى «من الدمع». أما التغيير الأخير فقد كانت تتلاعب به أم كلثوم أثناء الغناء حيث تقول مرة «وفى العمر ما فيه من الهفوات» وفقا لنص شوقى ، وتقول أخرى «من الغفوات» تهوينا لوقع الكلمة على نفس المتلقى فى هذا السياق الدينى .
وقد أبقى رامى على الأبيات السبعة الأخيرة من القصيدة كما كتبها شوقي على الرغم من أنها تتحدث عن حاضر المسلمين تأكيدا للشعور الوطنى القوى وهى :
فقل لرسول الله: يا خيرَ مرسلٍ أبثُّكَ ما تدرى من الحسراتِ
شُعوبُك فى شرق البلاد وغربها كأصحاب كهفٍ فى عميق سباتِ
بإيمانهم نورانِ: ذكرٌ، وسُنَّةٌ فما بالهم فى حالك الظلماتِ؟
وذلك ماضى مجدهم وفخارهم فما ضَرَّهم لو يعملون لآتى؟
وهذا زمانٌ،أرضُهُ وسماؤهُ مجالٌ لمقدامٍ كبيرِ حياةِ
مشى فيه قوم فى السماء، وأنشئوا بِوارجَ فى الأبراجِ ممتنعاتِ
فقل: رَبِّ وفق للعظائمِ أُمَّتى وزيِّن لها الأفعالَ والعزماتِ
وبعد الحفل الأول حذفت أم أكلثوم الأبيات من الرابع إلى السادس لتصبح الأغنية 22 بيتا فقط ، حتى لا يطغى الحس الوطنى المعاصر على الشعور الدينى المتأجج فى تلك المناسبة الفريدة التى لا تأتى إلا مرة فى العام .
وقد لحنها السنباطي من مقام الهزام ، وتميز الحفل الأول لهذه القصيدة الذي أقيم بدار سينما راديو بوجود مجموعة المزاهر أو الدفوف ، التي منحته طابعاً خاصاً ، وصور السنباطي بموسيقاه كل معاني الضراعة التي أرادها شوقي بقوله : ويا رب هل تغني عن العبد حجة . . وفي العمر ما فيه من الهفوات . . وتشهد ما آذيت نفساً . . ولم أضر ولم أبغ في جهري ولا خطراتي
الى عرفات الله
‎الى عرفات الله ياخير زائر ****** عليك سلام الله في عرفلت
‎ويوم تولي وجهة البيت ناضرا **** وسيم مجال البشر والقسمات
‎على كل أفق في الحجاز ملائك **** تزف تحايا اللــــه والبــركات
‎لدى الباب جبريل الأمين براحل **** رسائل رحمانيـــــــــة النفحات
‎وفي الكعبة الغراء ركن مرحب *** بكعبة قصــــاد وركن عفــــات
‎وزمزم تجري بين عينيك أعينا ***** من الكوثر المعسول منفجرات
‎لك الدين يارب الحنيف جمعتهم **** لبيت طهور الساح والشرفات
‎أرى الناس أفواجا ومن كل بقعة ** اليك انتهوا من غربة وشتات
‎تساووا فلا الأنساب فيها تفاوت *** لديك ولا الأقدار مختـــــلفات
‎ويارب هل تغني عن العبد حجة *** وفي العمر مافيه من الهفوات
‎وتشهد ما آذيت نفسا ولم أضر **** ولم أبغ في جهلي وفي خطواتي
‎وأنت ولي العفو فامحو بناصع **** من الصفح ما سوءت من صفحات
‎ومن تضحك الدنيا اليه فيغترر***** يمت كقتيل الغيـــــــــد بالبسمــات
‎اذا زرت بعد البيت قبر محمــد ***** وقبلت مثوى الأعظم العطــــرات
‎وفاضت من الدمع العيون مهابة *** لأحمـــــــــــد بين الستر والحجرات
‎وأشرق نور تحت كـــــل سنية ****** وضاء أريـــــــج تحت كل حصاة
‎فقل لرسول اللــه ياخير مرسل ****** أبثك ما تــــــــــدري من الحسرات
‎شعوبك في شرق البلاد وغربها ***** كأصحاب كهف في عميق ســـبات
‎باءيمانهم نوران ذكر وســنة ******* فما بالــــــــهم في حالك الظلمات
وقل ربي وفق للعزائم أمــتي ******** وزين لــــها الأفعــــال والعزمات
رابط يصور الأغنية مصورة تصويراً سينمائياً ابيض واسود

https://youtu.be/KEtrY790kWA





الاثنين، 28 أغسطس 2017

بيوت من زجاج .. بقلم الأستاذ أحمد الشيخ على

القسم الأول من بحث:
بيوت من زجاج:
بحث ذو صبغة أدبية, غايته النفس, يرصد المؤثرات الروحية والمادية, والطبيعية, والمسلكية, في أربعة أجزاء يستهل أولاها, بمختارات من كلام بديع السموات والأرض, ويثني بباقة من كلام المصطفى, ويثلث ببعض أدوات الأدب, ونختم, ليبوح بعد ذلك كل جزء بما يكتنز من مؤثرات نفسية لا يقل دورها عن الخبز والماء والهواء...من أجل الحياة!
وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟!
هو أكرمُ الخلق, خُلِقَ له الخلقُ, وتزلفته,ملكوتُ السموات والأرض... وكثيرا لا يرضى!
مشاعره أرق من الهواء, وأكثر حِدّة من نفاذ الضوء في الفضاء.
تميته كلمة, ويميت أمة بكلمة!
هو الذي سجدت له الملائكة وأبى أكثر الناس لله السجود!
فما الذي يتناغم وفطرته, وما الذي يتقاطع؟
في بيوت من زجاج سنتعرض لنفحات وأعاصير المؤثرات لنرصد أكثرها أهمية, فيحيا بها الإنسان, وأكثرها ضررا لنتحاشاه تحاشي المرض المييت!
في بيوت من زجاج: ليس من النافلة في شيءٍ القولُ بأن المشاعر الإنسانية أشبهُ بالبيوت الزجاجية غير (المسكرتة) .. إلا فيما ندر ..
ذلك لأن الانعكاسات النفسية لموقفٍ مّا لا يمكن إلا أن تحدث دوائر ارتداديةٍ في مستنقع المشاعر الراكد ..
وبديهيٌ أن تتفاوت هذه الارتدادات بحسب المساحة الراكدة وبحسب المقذوف, ابتداءً من مثقال حبةٍ من خردل .. وانتهاءً بمثقال قنبلةٍ ذكيةٍ تذهب بالمشاعر وأهلها بأسرع من ردة الطّرف ..
وكم من الأفعال والأقوال التي تقع على المشاعر وقوع الصاعقة في يومٍ ماطرٍ عاصف ..
وبما أن لكل مخلوقٍ آدميٍ مشاعرُهُ ، وأحاسيسه ، وبما أنه يندرج تحت : " كما تدين تُدان " ، و:" كما تسلف تستوْفي " .. فمن العقل والبداهة أن يراعي كلَّ إنسانٍ مشاعر الآخر أو الآخرين ..
ولأنه مثلما يملك مقومات المبادرة للإثارة والتأثير الآن .. سيكون سواه الذي اكتوى بناره في موقع المبادرة في زمنٍ مّا ، وبطريقةٍ ما ..
حتى وإن لم يكن ضحيتّهُ مُبادراً .. فسيكون غيره من الذين يملكون فوق ما يملك ، ويرد لصاعه صاعين أو أكثر .. وعلى القياسِ ؛ وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ..
وما أكثر أشكال القتل المعنوي وأدواته كالظلم ، والكبْت ، والحرمان ، والتهميش ، والإتباع ، والاستغلال بأنواعه التي لا تحصى ..
وهذا ما يجعل القتل المعنوي في الصدارة لأنه قتلٌ بالتقسيط المُريح .. ومدى الحياة أحياناً ..
ولعل فيما سبق تقديمٌ وافٍ لبحثٍ متشابك العناصر ، ومتعدد الروافد إلى درجة يستحيل على حاصٍ موسوعيٍ الإحاطةُ بها ؛ وذلك لشمولها على كامل منصات الإطلاق الحياتية التي تصوب جميعها إلى هدفٍ واحدٍ وحيدٍ ألا وهو المشاعر الإنسانية ..
تلك التي أبدعها الخلاق العظيم على هيئةٍ مطلقةٍ تستطيع التعامل مع الوافد المؤثر أياً كان ، وعلى أي وجهٍ كان ، ومن أي مصدرٍ كان .. سواءٌ من أقصى السلبية المجزعة ، أو من أقصى الإيجابية المفعمة بالسعادة والأمل .. وما بين الحالتين القطبين مدارجُ تستوعب طبائع ومشاعر الإنسان من المهد إلى اللحد ..
وإنني أرى أنه من المناسب أن أتطرق إلى بعض مصادر التأثير النفسيِّ والتي لا أجد بالمطلق شيئاً منها يتقدم على القرآن الكريم المعجز .. الذي أحكم الخلاق العظيم آياته فكانت في صميم أولي الألباب إلى قيام الساعة ..
وإذا كان للكلمة من فضلٍ فكفاها بديعُ السماوات والأرض صدارةً أشبه بصدارة الشمس على سائر الكواكب ..
فهي المنطلق مبنىً ومعنىً ، ومن أجل ذلك افتتح بها رب العالمين خاتمة الرسالات وذلك في قوله تعالى : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) } . سورة إقرأ .
ولأن القراءة تختزن أمهات المعارف وأصولَها, كان من لُطف ربِّ العلمين بعباده أن عظمها لتشرق بها شمسُ المعرفة من جديدٍ .. بإقرأ ..
ويقيني أن أقل المتأملين أمثالي .. لا يعودون من منهل القرآن الكريم إلا وقد تزودوا بغيثٍ يديم المئونة ، ويستر العورة ، ويضمن سلامة المسير .. وعلى الله القبول ..
وللمثال لا الحصر بعدما قدمنا بإقرأ .. سأجتزئُ من القرآن الكريم بعضه مثل قوله تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}. النحل .. يوجد شاهد آخر
وقوله تعالى : { وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) } . فصلت ..
وقوله تعالى : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) } . آل عمران ..
وقوله تعالى : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) } . البقرة ..
وقوله تعالى : { فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) } . طه ..
وقوله تعالى : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) } . الزمر ..
ولو كان لمنصفٍ خصّبَ الإيمانُ قلبَه أن يقول فلا أظنهُ إلا أن يردد كلام بارئ الكون حيث قال سبحانه : { إنما بذكر الله تطمئن القلوب } .
وإذا اطمأنت القلوب زكت النفوس ، وتنوّرت العقول ، وخشعت الجوارح ، وعاش صاحبها تقياً عزيزاً كريماً عالي الهمة كله في سبيل ربه .. رسولا هادياً مهدياً .. لا يذلُّ إلا للعزيز الجبار .. رأسٌ في كل حياته وهو إمامٌ ومن خلفه العالمين ..
على أن للمعاملة الحسنة لُغةٌ بليغةٌ لا تقل عن لغة الكلام ، ومن ذلك قوله تعالى :
{ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)} . البقرة ..
والقرآن الكريم بوجهيه في ترغيبه وترهيبه .. تأثيرٌ بالغٌ لمن ألقى السمع وهو شهيد ..
وما الآيات التي تخاطب القلوب والعقول .. إلا شموسٌ في قلب الضُّحى لكل بصيرٍ من مثل قوله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) } الحج ..
وللمزيد من تسليط الضوء على التأثير القرآنيِّ أحيل القارئ إلى بحث " البنيوية المعجزة " الذي يتناول ألفاظ نهايات الآيات ، ويربطها بأسماء الله الحسنى ، ويشير إلى عظيم تأثيرها في النفوس ، والقلوب ، والعقول ..
وإذا أخذت الأولوية ببعض الكلام المعجز الجامع .. فإنها على الترتيب ستثني ببعض قول الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم الذي نُصر بالرعب ، وأوتي جوامع الكلم .. وكُلُّ قوله وفعله حكمةٌ ومنهجٌ وتوجيه ..
ومما جاء في الهدي النبوي الشريف " تبسُّمك في وجه أخيك صدقة " ، " ومسْحُك على رأس اليتيم صدقة " ، " وزيادة مرق طعامك لإهداء جارك المحروم صدقة " ، " ومن كان في حاجة أخيه .. كان الله في حاجته " ، " ومن فرّج على مؤمنٍ كربةً .. فرج الله بها عنه كربةً من كرب يوم القيامة " .. وكثيرٌ كثيرٌ مثل ذلك مما يشكل جبراً للخواطر ، وتمتيناً للأواصر ، وتطييبا للنفوس ، وتعظيما لمبدأ الإيثار والعطاء ، والتراحم بين الناس ، وحسن الخلق الذي أمر به ، وحضّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (( خالق الناس بخلقٍ حسن )) .
وحسن الخلق بكل تأكيدٍ يشتمل على القول والعمل معاً .. وإذا قدمنا بشواهد حسن المعاملة سنختم بحسن القول الذي في كثيرٍ من الأحيان يتفوّق بتأثيره على المعاملة وإيقاعها، ولنا أن نستخلص العبر من الشواهد القرآنية السالفة الذكر ، ومن كثيرٍ من الأحاديث الشريفة كالحديث الذي سأل به معاذٌ رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : و هل نؤاخذ بما تقوله ألسنتنا يا رسول الله ؟ فأجابه صلى الله عليه و سلم : (( ثكلتك أمك يا معاذ , و هل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم )) .
وللحديث وجهان ؛ أحدهما الغيبةُ وآثامها ، وثانيهما .. إيذاء مشاعر المستمع بما لا يليق ..
وإنني إذ أتحدث عن بعض معالم اللُّطف النبوي ، سأثبت في هذا البحث مثالاً للقياس والإتباع .. وما أحرى الأسوة الحسنة أن تكون في خير خلق الله محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، الذي وصفه بارئ الكون بقوله سبحانه : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) } . القلم ..
أفلا يكون بعد هذه التزكية الإلهية أحق من يحتذى في العلمين ..؟!
وللمتأمل أسوق هذا الإهداء المتناهي باللطف والحشمة ، حين قال عليه الصلاة والسلام لصحابيٍ مقبلٍ على الزواج ما معناه : ((يا فلان خذ هذا الثوب هديةً لعروسك يستر عظامها )).
والشاهد هنا يحتشد في عبارة ( يستر عظامها ) ، لأن الثوب يليه اللحم وليس العظام ..
فذكر لحم المرأة يفتح أبواب الخيال الشيطاني على تفاصيل غايةٍ في الفتنة مما يثير غريزة الاستقصاء والتّصور .. فتتأهب المشاعر ، وتنطلق من عُقْلها الشياطين ..
أما وقد استعرضت جانباً ربانياً .. وآخر نبوياً من جوانب تأثير الكلمة في النفوس ، فإن اللغة لا تنحصر في حدود الحرف ، ولا في لانهائيات النصوص ..
فاللغة أحد أغصانها الكلام سواءٌ كان منطوقاً أو مقروءاً ، أو مسموعاً .. أما بقية فروعها فلا يتّسع امتداد هذا البحث لجذرها المتمثل في كلّ مدلولٍ يفصح عن مفهومٍ تواضعت عليه الناس .. فكان حقاً علي أن أسوقُ بعضاً منها .. إثراءً للبحث وأملا باستيفاء الشاهد ، وبلوغ الهدف ، ولو على رِجْلٍ واحدة ..
يتبع إن شاء الله.
أحمد الشيخ علي.

بالورقة والقلم بقلم الدكتور السيد إبراهيم

بالورقة والقلم تبنى الأمم، وتعلو الهمم، إلى الذرى والقمم..
بهما نسعد وننعم، ونخطط، ننظر إلى ما مضى من أمجادنا.. لنعدل مساراتنا.. ونصنع مستقبلنا...
وبهما.. تعلمنا.. ونقلنا خبراتنا.. إلى غيرنا.. كما استفدنا من خبرات غيرنا..
وبهما.. كانت لنا أول حضارة في تاريخ الدنيا.. واستفدنا أيضًا من حضارات الدنيا..
وبهما.. كانت "اقرأ".. لنكتب.. ونتعلم.. ونُعلِم..
ومعهما.. سنتأمل فيما حولنا.. كيف كنا؟... وإلام صرنا؟

بالورقة والقلم: إطلالة خاصة بملتقى عزة أبو العز للموهوبين والمبدعين العرب..
التقيكم فيها لنفكر معًا.. ونحلم معًا .. ونتأمل معًا في كافة المسائل والقضايا التي
تدور حول "الإنسان".. سواء أكان طفلًا أم كبيرًا، رجلًا أو امرأة...
ولهذا ستتشعب بنا المسائل .. وتتفرع بنا المقالات، وتتشعب بنا الحكايات، وتجمعنا وجهات النظر.. ونحترم الاختلاف.. وننبذ الخلاف..
في هذا الملتقى الذي تقوده سيدة تؤمن بالقيم، والحوار، والتعددية، والديمقراطية، والمشاركة، ووجهات النظر، وتنوع المشارب.. سننعم بالكتابة والقراءة..وذلك...
بالورقة والقلم....
نصنع مستقبلًا .. يعرف التخطيط .. ولا يلتفت للعشوائية، ولا يقر التخبط.. أو الفهلوة، أو سرقة الأفكار.. ولكن صنع الأفكار.. مهما كانت بسيطة.. أو غريبة..
نسترشد بآراء العلماء، وأقوال الحكماء، ونظريات العلم.. وزوايا الفلسفة.. ورأي الدين.. في كُلٍ متكامل..
بالقلم: أكتب خالص الشكر والتقدير للسيدة عزة أبو العز مؤسس وأمين عام ملتقى عزة أبو العز للموهوبين والمبدعين العرب..
وفي الورقة سأكتب خالص الشكر والتقدير للموهوبين الصغار والمبدعين الكبار.. وكافة قراء الملتقى .. من كافة الأجيال..


الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

التربية والتعليم بقلم الكاتب / أحمد الشيخ على

التربية والتعليم
تربية الإنسان وتعليمه، عملية أساسية اضطلعت بها الأسرة أولاً، وتولت مهمة القيام عليها منذ نعومة أظفار هذا الكائن الحي، ثم توالت على ممارستها مؤسسات مختلفة لهذه الغاية.
ولقد اختلفت الآراء حول مضمون هذه العملية، وذلك لاختلاف الأنماط الثقافية والحضارية والتربوية لكل أمة من الأمم، لكنها اتفقت جميعها على كونها طريقة إعداد للحياة، كما اختلفت في معنى كل من التربية والتعليم، فمنهم من استعملها بمعنى واحد، ومنهم من ميز بينهما.
والواقع أن مفهوم التربية يختلف عن مفهوم التعليم. وعدم التمييز بينهما يؤدي إلى تفكك الأساليب التربوية وتشويش شخصية الطفل، لأن تزويده بأنواع العلوم والثقافات قبل تهيئة التربة الصالحة لها، إنما معناه البنيان على الرمال.
ولقد ميز (دي نوي) بين التربية والتعليم فقال: (فتربية الولد تقوم على تهذيب سجاياه الخلقية وتعليمه المبادئ الأساسية الثابتة التي يعترف بها الإنسان في كل البلدان، وإنماء الكرامة الإنسانية فيه منذ نعومة أظفاره. أما تعليمه فهو تغذيته بالمدنية التي جمعها الإنسان في مختلف الحقول. والتربية تصوب أعماله وتوحي إليه سلوكه في علاقاته مع الناس، وتساعده على تملك زمام نزواته. أما التعليم فيوفر له عناصر نشاطه الفكري ويعرفه بحالة التمدن الحديث. تعطيه التربية أسس الحياة التي لا تتبدل، ويمكنه العلم من التكيف حسب تبدلات محيطه، ومن ربط هذه التبدلات بالحوادث الماضية والمستقبلية) (58).
فتربية الطفل إذن تبدأ قبل تعليمه، ولا يخفى أثر هذه التربية الأولى على شخصيته، إذ على مبادئها ومعطياتها يدرج وينمو ويبني كياناً مستقبلاً فاعلاً. وهذا ما يفسر ضخامة البناء الفكري الذي يشيده خلال سنيه الأولى، حيث تعمد التربية إلى كشف وإبراز ما يتمتع به من ميول ومواهب وقدرات وأهداف ليمارسها فيما بعد بالتعليم والعليم اللذين ليساهما، كما يقول أخوان الصفاء، (سوى إخراج ما في القوة يعني الإمكان، إلى الفعل يعني الوجود)
التربية تخصيب تربة، والتعليم بذار وغراس!
فأدوا أمانتكم أيها الآباء والأمهات، فإنها والله تقف لكم على الصراط!


الاثنين، 21 أغسطس 2017

هل هى صلاة أم سيمفونية الطبيعية... بقلم الكاتب الكبير د حسن صابر

هل هى صلاة أم سيمفونية الطبيعية
كتب دكتور/ حسن صابر

في مدينة دبي اسكن في مجمع سكني أشبه بالحديقة الغنَّاء ، فالأشجار تحيط بالنوافذ والبلكونات ، وتمتد المساحات من العشب الأخضر حول البنايات كأنها بساط سندسي يسعد الناظرين ويريح الأعصاب ، وفوق هذه الأشجار تعيش مجموعات من الطيور المغردة كالعصافير والحمام ، تولدت بيني وبينهم علاقة إرتباط غريبة دفعتني لمحاولة التعرف على بعضٍ من أسرار حياتهم وعاداتهم اليومية ، فإنبهرت بهم ، وتمنيت لو أن الله منحني قدرة التخاطب مع الطيور والحيوانات كالتي منحها لنبيه سليمان لأتكلم مع هذه العصافير الجميلة التي تعشش فوق الأشجار المحيطة بمسكني .
وقد إعتدت على سهر الليل أقرأ وأكتب حتى موعد آذان الفجر ، فأصلي ثم أحاول النوم الذي أصبح في ندرته وعدم إستقراره مشكلةً كبيرة بالنسبة لي تماماً كالدولار بالنسبة لمصر، وفي إحدى الليالي التي لم أستطع فيها دفع السعر المرتفع للنوم ، كان الليل هادئاً والعصافير نائمة على أفرع الشجر ، ولا أسمع صوت عصفور واحد شذ عن مجموعته وغرَّد منفرداً ، فجأة إرتفعت أصوات العصافير في حيوية ونشاط معلنةً عن بِدْءِ يومٍ جديد ، وبعدها بثلاث دقائق يرتفع عن بعد صوت المؤذن وهو يؤذن لصلاة الفجر ، فيزداد صوت العصافير إرتفاعاً ويبقى التغريد أو الزقزقة لمدة عشرين دقيقة يهدأ بعدها حين تبدأ الصلاة ويرتفع صوت الإمام بآيات من القرآن الكريم ولا أسمع إلا صوتاً هادئاً من العصافير وكأنها تصلي أو تسبح ، ولَم لا فقد قال الله في الآية 44 من سورة الإسراء :
{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا }ا
ويستمر هذا الوضع حتى تنتهي صلاة الفجر فيرتفع مرة أخرى صوت العصافير حتى شروق الشمس ، ثم تهدأ وتبدأ في الطيران والتنقل من فرع لآخر من فروع الأشجار في هدوءٍ لا يقطعه سوى تغريدة موسيقية من عصفورٍ واحدٍ تبدو كأنه يغني أحياناً منفرداً Solo وأحياناً ثنائياً Duet بمشاركة عصفورة أخرى ، ويبقى هذا الهدوء حتي يقترب النهار من نهايته ثم يتكرر عند الغروب نفس المشهد الذي حدث في الفجر ، لكن العصافير عند الغروب تعلن نهاية الْيَوْمِ والخلود إلى الراحة والنوم إستعداداً ليومٍ جديد ، وعندما تظلم الدنيا ويسدل الليل ستاره على ما حولنا ، لا أسمع صوتاً لعصفور حتى يحين موعدُ فجرٍ جديد .
وللوهلة الأولى أحسست أن صوت العصافير لا يزعج الصاحي أو النائم ، فالصاحي يسعد بهذا الصوت ويشعر بالنشاط والحيوية ، والنائم يسترخي على أصوات العصافير وتستريح أعصابه ، ربما أن تردد صوت العصافير متوافق مع القدرات السمعية للإنسان ولهذا لا يسبب له الإزعاج ، ودعوني آمل أن يهتم المتخصصون في علم نظام الأصوات Phonetics أو علم الأصوات الكلامية Phonology بهذه الظاهرة ، وقد شعرت أن هناك قانون ينظم حياة هذه الطيور وأنها أكثر إلتزاماً بقوانينها من إلتزام البشر بقوانينهم .
وفي ليلة كنت متعباً ومريضاً ، داعبني النوم قبل موعد صلاة الفجر بساعة واحدة ، وخشيت إن بقيت لموعد الصلاة وتوضأت أن تنعشني مياه الوضوء وتذهب عني النوم الذي أكاد أن أتسوله كل ليلة ، فإستسلمت للنوم أو للشيطان لا أعرف ، ونمت نوماً عميقاً ، وفي الموعد المحدد لآذان وصلاة الفجر إرتفعت أصوات العصافير بشدة ، لم أعهدها من قبل تزقزق عالياً هكذا ، كأنها تصيح علىَّ أو غاضبةً مني ، ثم بعد دقائق معدودة سمعت آذان الفجر ، فإنتفضت من مرقدي ، وشعرت أن الله ربما أرسل لي هذه العصافير حتى توقظني لأداء صلاة الفجر أو ربما أنا أتوهم ذلك ، وأنا أحب أن آخذ بالإحتمال الأول فذلك يريحني ويسعدني أن أصدق أن الله هو من بعث العصافير لإيقاظي ، فتلك نعمة أصبو إليها ، وبشرى بالجنة أحلم بها . . توضأت وصليت ركعتي الفجر ، وشعرت بالإمتنان لهذه العصافير الرقيقة الجميلة لأنها أيقظتني من نومي ، ونزعتني من غواية الشيطان لي بأن أكمل نومي ، فقررت أن أذهب إلى البلكونة لأجلس فيها قريباً من الأشجار والعصافير وأستمتع بتغريدها ، فإنبهرت بالنظام والتناسق في زقزقة العصافير وهديل الحمام . . وكما نسمع في السيمفونيات الكلاسيكية ، كيف أن كل آلة موسيقية تلعب في توقيت محدد إما منفردة Solo أو ثنائية Duet أو مجتمعة في مجموعة Orchestra حسب نوتة موسيقية مكتوبة أمام العازفين أو محفوظة لهم ، كذلك فقد سمعت تغريد العصافير وهديل الحمام في نظام موسيقي بديع مرتبط بتوقيت ظهور ضوء الفجر وضوء الشمس ، بل لا أبالغ إذا قلت أن الكونشيرتو Concerto أي الحوار الموسيقي بين آلة موسيقية منفردة ومجموعة الآلات الموسيقية مثل الكمان والأوركسترا ، أو البيانو والأوركسترا ، قد سمعته في تغريدة عصفور واحد وتغريدات مجموعة من العصافير ، والكونشيرتو قد يكون أيضاً بين آلة موسيقية واحدة وآلة موسيقية أخرى مثل الكمان Violin ، والبيانو Piano ، وهذا أيضاً سمعته في تغريدة عصفور مع تغريدة عصفور آخر . .
وتستمر هذه الموسيقى الجميلة من تغريدات العصافير بدءاً من وقت الفجر وحتى شروق الشمس ، ثم تصمت العصافير برهة من الوقت يرتفع فيها صوت هديل الحمام ، وكأنه موسيقى خشنة عميقة مثل موسيقى الكونترباص وهى الآلة الموسيقية الضخمة التي تكاد تنقرض من الموسيقى العربية بعد وفاة عبده قطر ، وعباس فؤاد وهما عازفا الكونترباص اللذان شاركا أم كلثوم في أغانيها البديعة ، بعد ذلك تشارك العصافير الحمام في الغناء ، وتختلط زقزقة العصافير مع هديل الحمام في تناسق بديع كأنه نوتة موسيقية ، وتستمر هذه السيمفونية الجميلة حتى تبدأ حركة الإنسان بأصوات مزعجة تصدر من محركات السيارات ، وهنا تنتهي السيمفونية ويتوقف هديل الحمام وزقزقة العصافير ، ولا أستطيع أن أسمع بعد ذلك إلا نغمات قصيرة ضعيفة سريعة أثناء طيران العصافير وتنقلها من غصن شجرة لآخر . . تُرَىٰ هل حَرَمَ الله الإنسان من فهم لغة الطيور وحَرَمَهُ من دخول عالمهم البرئ والتخاطب معهم حتى لا ينقل إليها الفوضى الصوتية والأخلاقية التي يعيش فيها ، فالعصافير خلقها الله لتملأ الحياة بالجمال ، وتكون مثلاً للنظام والإنضباط ، فالحمد لله أنه سبحانه قد خصً النبي سليمان بالقدرة على التخاطب مع الطيور دون سواه من البشر .
ويستمر هذا الوضع طوال اليوم إلى أن يقترب موعد غروب الشمس ، فيتكرر نفس ما حدث من العصافير وقت بزوغ الفجر ، وترتفع زقزقة العصافير وتنشط كلها في التغريد أو العزف إلى أن يحلَّ الليل فإذا بالعصافير تغمض عينيها وتنام واقفة على الأغصان دون أن ترقد على ظهرها أو جانبيها ، حتى يحل موعد الفجر فتبدأ يوماً جديداً . . نظام عجيب في دقته وإنضباطه ، لا يتكرر إلا في أوقات الفجر والمغرب فقط ، فهل تلك علامة على أهمية صلاة الفجر والمغرب لمن يعقلون ؟
تذكرت عندما كنت أقف أمام نافذة حجرتي بالفندق في الحرم المكي أثناء تأدية العمرة أطل على الكعبة وأتابع طواف المعتمرين حولها ، فإذا بي أشاهد حمامة جميلة تقف خارج نافذتي على حافة المبنى ، وكانت تطل برأسها في إتجاهٍ بعيدٍ عن الكعبة ، بينما كان جانبها مواجهاً للكعبة . . فجأة أذن المؤذن لصلاة العصر فإذا بالحمامة تستدير لتكون مواجهة للكعبة برأسها ، وبقيت على هذا الوضع حتى بدأت الصلاة ، فإذا بها تحني رأسها كما نفعل نحن في الركوع والسجود ، وكنت مندهشاً لما أراه . . وبعد أن إنتهت الصلاة طارت الحمامة ولم أراها بعد ذلك .






الجمعة، 18 أغسطس 2017

كيف تعبر عن محبتك لأولادك ؟ بقلم الكاتب / أحمد الشيخ على

كيف تعبر عن محبتك لأولادك ؟






في كل يوم هناك نظريات في العلوم الإنسانية تطالعنا بجديدها الذي ما يلبث حتى يتآكل ويبلى ويعفو عنه الزمن..
وفي أنفسكم أفلا تبصرون..سبحان الذي فطر العباد وألهم النفوس فجورها وتقواها..
والإنسان مهما أبحر سفينه في محيطات النفس البشرية لا يسبركل أغوارها ولا يكتشف كل كنوزها تلك التي أبدعها الخلاق العظيم في أحسن تقويم..
وما علم النفس إلا زورقا في هذا الخضم الذي لا تنقضي عجائبه ..
فالنفس المطمئنة والأمارة والراضية المرضية والطماحة وووو
هذه النفوس إذا صادفتها بيئات تؤكدها فستنحو على أقصى مداها في الخير أو الشر..
فما كان أهم من التأهيل المتوازن للقادمين إلى ميدان الحياة كيلا ينجرفوا
أو ينمحوا أو يكون اتباعُهم خبط عشواء ..
كيف لا وقد أثبت العلم الحديث أن أكثر من ستين بالمئة من شخصية الإنسان تتكون من التكوين الجيني والتربوي في البيت..
وهنا تكمن خطورة دور البيت في التأسيس المتين لبناء هو الاهم على الأرض..بناء الإنسان غاية الوجود..
على أنني لا أعرض هنا لكمال في مقالتي هذه ولكن سأستعرض معكم أهم الاساليب السلوكية العاطفية التي تبين للأولاد أهميتهم عند والديهم ومحبتهم لهم مما يدفع بكل إيجابية فطرية إلى ميدان الحياة الخالية من الملوثات العقدية التي تشوب أغلب تعاملاتنا مع فلذات أكبادنا..
إليكم فيما يلي عشرين طريقة لتصدير عاطفتنا إلى أولادنا كما يليق بأحاسيسهم ومداركهم ..
1-من المهم للغاية أن تنفرد بكل واحد من أولادك على حدة لتشاركه في هواية أو رياضة أو في تناول غداء خارج المنزل لتشعره بأهميته منفردا
فالإهتمام الفردي يعطي إنطباع بأهمية الولد عند أبيه ..بينك وبينه..
و لا ينبغي أن تجمعهم في كلمة ثناء واحدة لأن كل واحد منهم يريدأن ينافس أخاه عليها..
2-دائما هناك محاولات من قبل الأولاد لتحقيق طموحاتهم أو للنجاح في عمل ما من الأنسب أن تركز على مدى المجهود الذي بذلوه لا على النتائج فقط مع تشجيعهم المستمر لتتعزز ثقتهم بانفسهم..
3-إن أي نجاح يأخذ حقه كالثناء والمكافأة منك تجعلهم في نشاط دائم للسعي إلى مزيد من النجاحات حتى ولوكان على مستوى نجاح فريق ولد من أولادك في مباراة أو بعد حفظ أحد أولادك لسورة أو لجزء من القرأن الكريم ..كما عليك أن تجد أي سبب لتجعل ولدك الذي لم يحقق شيئا لكي يشمله الثناء والجزاء في هذا الفرح الجماعي ..
4-هناك الكثير من الآباء يؤنبون أولادهم بعنف على أية هفوة مثل أن يجلس على مائدة الطعام ولم يبدل ملابس المدرسة أولم يغسل يديه والأجدى أن يقول الأب كأنك اليوم قد قضيت وقتا ممتعا في المدرسة وهذا واضح على ملابسك وهيئتك..
5-كذلك هناك مؤثرات إيجابية تشعر الاولاد بأهميتهم عند أهلهم من مثل أن تخرج ألبوم صور هم التي تؤرخ نشأتهم وقم بشرح مناسبات تلك الصور وكيف كنت في غاية السعادة عند التقاطهالهم وهذا ما يعزز شعورهم بانهم غاية بالأهمية عند أهلهم..
6-ولنا أن نتصور مدى ثقة ولد بنفسه عندما يذكره أبوه بشيء قد تعلمه منه..
7-وهناك دافع مهم هو أن تشعر أولادك أنك بمنتهى الرضى عن الطريقة التي يشبون عليها هذا مما يحفزهم على الاداء الافضل ونقد الذات..
8-أما وقد بدأ الأولاد بالتمييز بين المناسب والانسب لأذوافهم فما عليك إلا أن تعزز هذه الثقة بهم بأن تدع لهم حرية اختيار ما يلبسون لانهم سيكونون سعداء إذ لبوا حاجاتهم الذوقية بمنتهى الحرية..
9-على الاهل أن يعرفوا أصدقاء أولادهم ومدرسيهم كي لا يسألوهم عنهم بشكل مباشر بل يسأل الأهل عن المعلم فلان والصديق فلان فتكون مثل هذه الاستفسارات بمثابة تعريف للأولاد بأن الأهل متابعون
لتفاصيل أولادهم ..
10-هناك آباء لا يتواضعون لمشاركة أولادهم بلعب أو بتسلية ما ولو فعلوا لتعززت الرابطة بينهم وبين الاولاد..
11-لنا أن نتصور كم هو حميمي ومثمر النقاش المتبادل بين الولد وأبيه أو أمه وقد تفرغ الأب أو الأم وما شغلهم أي شاغل عن مبادلة الحديث
وجها لوجه في تركيز متبادل يرسخ مبدأ النقاش والاحترام للرأي الآخر..
ومن المهم أثناء النقاش أن تسمع ما جرى معهم وأن تسمعهم ما جرى معك ..
12-وعندما يستيقظ الولد ويجد ورقة كتبت عليها عبارة ثناء أو حب أو هدية بجانب سريره فكم يتدفق على نفسه من شعور..بالسعادة والرضى..
14-وما أشد من وقع الثناء على ولدك وأنت لا تراه بل ترفع صوتك لتسمعه صوتك وهو في غرفته..
15-وهناك وفي كل بيت لا بد أن نجد طفلا مولعا بالرسم ومن المفيد المشجع أن يحتفظ الأهل بما يرسم ولدهم كدليل تشجيع له لتدفعه على مزيد متميز..
16-أما وقد يقع أحد الأبناء في خطأ سلوكي ما فمن المهم ألا نسمعه ألفاظا تحبط من معنوياتهم كأن نقول للمخطئ أنت لا تفهم أو أنت غبي
هذه الالفاظ لها وقع مدمر على نفسية الطفل لانها تبرمجه على اساسها ..
وبدلا من التعنيف أشر عليه أن يفعل الصواب الافضل بطريقة جديدة ..
17-ومع كل يوم جديد على الأب أن يبدأ بالتعامل مع أولاده على أساس أن لا أخطاء سابقة تشوب علاقتهم..
كي ياخذوا فرصة للبدء بهمة ووعي جديدين..
أحمد الشيخ علي.


الخميس، 17 أغسطس 2017

لا تخافي ... إفتحي الشبَّاك " الشاعر أحمد بو حويطا أبو فيروز

قصيدة بعنوان " لا تخافي ... إفتحي الشبَّاك "
أنا مثلكِ تماماً لكنكِ لستِ مثلي
أنت انتحلتِ رشاقةَ قلبي
و تحايلتِ على حلمي لكي ينامْ
لا تخافي ... إفتحي الشبَّاك
كي أرى بأذني حفيفَ جوريةٍ
وَسِِعَتْ رحمةُ خمائلها كل أيائلِها
لكن الفاتحينَ وضعوا في عينيها كحلَهم
لكي تمدَحهم شقائقُِ النعمانْ
و تحالفوا ضد آذارَ كي لا يمسَّ جدائلَها
لها من كل وجعٍ زوجينِ راشدينِ
و سبعُ حدائقَ معلقاتٌ إلى حينٍ
ممتلئاتٌ بفاكهةٍ لها رائحةُ الغمامْ
أعدي غداً للقيامةِ زينتكِ
و أفسحي المكانَ لأوليائنا و الحسانْ
فحضنكِ يملأهُ ليلكِ الطويلُ
فكيفَ ترتبُ الزنابقُ زينتها
إذا كانتْ شركاتُ الحبِّ تحبكِ
و تمنع كي يتشمسَ في ساحليكِ النخيلُ ...!
لا تخافي ... إفتحي الشبَّاك
ليخرجَ الشعراءُ من أحلامهم
قدمي لهم الشفاهَ قبلَ النبيذِ
لنعرفَ الفرقَ بين الفراشِ و الحصانْ
جوريتي تخافُ أن تعضَّ شفتيها العاصفةْ
لكنها رمتْ ضحكَتها في وجه خوفِها
و خلف حزنِها مشتْ واثقةً من حزنِها
كنايٍ نسي معدنهُ
لكنه لم ينسَ أغاني الحصادْ
إفتحي عيونَ الشبَّاكِ قليلاً
لكي أرى ما لا يُرى
حديقةً مسافرةً في الغمامْ
و أسمعَ قلبي يقولُ ما قال نايٌ لنايٍ
و هو ينعي رباعياتِ الخيامْ
جوريتي لا تستوعبُ خيبتها
لكنها تصَعِّدُ من لهجةِ قُبلتها
لكي يستعيدَ هيبتهُ مقامُ النهوندْ
و هي تفتحُ الشبَّاكَ ارتعشتْ فرائصها
كأن قمحَها جرحَها
لم يسر يوماً على ضفافِ الرافدينْ
و لا اليمامُ كان يوما حفيدا لغرناطةَ
و لا غازلتْ ربابةٌ عيونَ سمرقندْ
جوريتي سكانُ قلبها طيبونْ
و لو جُرِحتْ ألوانُها الغزيرةُ
خضراءُ تخضرُّ كلما سرقوا خضرتَها
لها مزاجُ العنقاءِ
إذا احترقتْ طلعتْ غداً من رمادها
و أخفتْ حدادَ حدائقها عن عيونِ الحمامْ .

- أ حمد بوحويطا
- أبو فيروز
- المغرب

آداب عشرة الزوجة لزوجها ..إعداد الشيخ أسامه موافى

##آداب عشرة الزوجة لزوجها ##
"إليك يا أيتها الزوجة هذه الآداب فإن عليك مثل ما على الزوج من حقوق وواجبات وحسن عشرة"
فمن ذلك :
1- عليك بحسن الطاعة بالمعروف ففيها ملاك الزوج ورضى الرب.
2- القناعة كنزك فى حياتك وراحة لقلبك فى جميع أوقاتك.
3- لا تقع عينه منك على قبيح ولا يراك إلا فى كل مليح.
4- خدمته فى بيته بجعله جنة وراحة لا تجعليه مهرباً وملاذاً.
5- أولادك تربيتك فإنه يراك من خلال تربيتك فحسن تربيتك دليل حسن عشرتك.
6- إياك والتبذير فى المال والطعام وعليك بحسن التدبيروالتقدير.
7- إياك وإفشاء سره فإن أفشيت سره لم تأمنى غدره وضيق صدره.
8- زوجك جنتك أو نارك فحسن العشرة وجميل الصحبةوحسن الكلمة تضمن لك تلك الجنة.
9- اشكريه على القليل وإياك وتكفير العشير فإن صاحبه متوعد بالسعير وبعد الخليل.
10- ارضى بما يرضيه فيما فيه رضى الله ولا تكونى وقت رضاه ساخطة ووقت سخطه راضية.
11- طاعة الله سبب للألفة والقرب فكونى على صلاتك مقبلة وعلى عبادتك مداومة.
12- حياؤك وحشمتك جوهرة ثمينة فكونى فى نظره دائماً جوهرة جميلة مصونة.
13- كونى معظمة لأمره لا معارضة لطلبه مناقشة لأفكاره, إلا بأساليب لطيفة وإشارات خفيفة.
14-لا تفتخرى عليه بخلة ولا تذميه على خصلة, فاسترى الذميمة وامدحى الجميلة.
15- لا تبعدى عنه فينساك ولا تقربى منه فيملك وكونى قريبة لطيفة وبعيدة حبيبة.
16- إياك والمبالغة فى الغيرة فتخرجى من الممدوح إلى المذموم فيشتعل الصدر بالهموم, ويتأجج البيت بالخلافات والشكوك.
17- لا تخرجى إلا بإذنه ولا تصومى وتتصدقى تطوعاً إلا بعلمه.
18- كونى له عوناً فى الحياة ومشاقها ولا تكونى عبء للحياة عليه.
🌱 معادة من باب التذكرة



الأربعاء، 16 أغسطس 2017

نسالم من يعادينا .. بقلم الشاعر الكبير يوسف أبو شادى

نسالم من يعادينا
أيا وطنى الَّذى أجرى
دموعاً فى مآقينا
وأشجانٌ وأحزانٌ
غدت بالحزن تشجينا
وقد كنت الَّذى يحنو
إذا ما الفقر يضنينا
كصدر الأم يطعمنا
ومن حبٍ يغذينا
وإن نظمأ بدنيانا
رحيق الحب تسقينا

أيا وطنى وقد كنَّا
أعزة فى أراضينا
فكم كنا ومذ نصحو
نغنى فى روابينا
ونشدو مثل عشاقٍ
سكارى فى أغانينا
وكان البلبل الفرحان
فى شدوٍ يهنِّينا
كأنَّ الأرض بستانٌ
وعطرُ الأرض يسمينا
لقد كنَّا جبابرةً
وسل كُتَّاب ماضينا
وكنَّا فى معاركنا
نُرى غرً ميامينا
ونزهو فى كرامتنا
وننعم فى روابينا
وكنَّا حينما كنَّا
نعيش بزرع أيدينا
نقول بعزَّة العربى
بصوتٍ واحدٍ فينا
نسالم من يسالمنا
نعادى من يعادينا
من المسئول يا وطنى
لما فى الليل يُبكينا
على أبناء قد قتلوا
تدافع عن أراضينا
وعن أخٍ يُقتَّلنا
ولا يأتى يعزِّينا
فيا كبدى على ولدى
ويا قلبى على سينا
ويا قهرى على لب يا
وقد قُتل المحبِّينا
ويا حزنى على شامى
وما تلقاه يُبكينا
وبغدادٌ نواسيها
وكم كانت تواسينا
ويا ألمى على يمنى
نرى فيها كما فينا
لك الرحمن يا قدسى
ويا أسفى فلسطينا
فما دمنا تفرَّقنا
ونقتل فى أخاوينا
أقول مطأطئٌ رأسى
وقد صرنا ملايينا
وأضحت ثروة الوالى
إذا تُحصى بلايينا
وقد صرنا بلا زرعٍ
وأصبحنا مساكينا
فيا أسفى على وطنٍ
زبحناه بأيدينا
وشيطانٌ بأوروبا
لدين الله يهدينا
فنهتف دونما خجلٍ
ونشدو فى أغانينا
نعادى من يسالمنا
نسالم من يعادينا
# يوسف أبو شادى



تربية أم .. بقلم الكاتب الكبير / أحمد الشيخ على

تربية أم ...؟!
نعم تربية امرأة ...
لقد شرَّقْنا .. فكنا أكثر المُغرِّبين ..
وغرّبْنا.. فكنا أكثر المظلمين ..
هكذا ذكورتنا .. شَرْعتها وأدٌ..
وتهميش ..
وتشويه ..
وتحييد النصف الأكثر أهمية في الأمة ..
فأينعت ثمار التخلف ..
وأوغلت سهام الظلم ..
فانتفضت قلة قليلة ..
واتُّهمتْ بالاسترجال, والمروق والانحراف ..
كل ذلك ليستفرس الرجل ..
وليكون الأوحد يأمر وينهى بكل ما يضمن سطوته ..
غيّبته الحياةُ .. بضغط حوائجها ..
وغيّبه هواه بإلحاح نزوته ..
ومع ذلك هو في استماتة :
تربية أنثى .. أم .. امرأة ..
أيُّ نعْتٍ لمن الجنة تحت أقدامها ..؟
ولمن أوْلى الناس بصحبته ..؟
ولمن إن ظُفِر بها ذات دينٍ ... تربتْ يداه ..؟
يا حسرتي على أعمى البصيرة .. متى يرى ..؟
هي:
أمُّهُ, أختُه, ابنتُه, زوجتُه, .. بُناةٌ مؤسسون ..
وعلى أكتافهن كل المباني ..!!
الأم التي عليها في الخمس أو الست سنوات الأولى ..
أن تبني ستين بالمئة من كيانك الإنساني تجازيها..
ب تربية أم ؟!
أمُّ الشافعي شرفُ كُلِّ أم ..
وأم شهداء فلسطين الذين منهم من جهزت ابنها بحزام ناسف ودفعته إلى ميْدان العِزّة والكرامة ..
الأم التي أنجبت كل الأنبياء والعلماء والصالحين ..
كلهم بنتْ فيهم أكثرهم ..
وتشاركت بما تبقى .. مع الدنيا في الأربعين بالمئة المتممة لكيانك العظيم ..
أيها المتجبر...
هي: لا ينوب عنها رجال الدنيا بأسرهم, ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ..
إن كان مِنْ خللٍ في أدائها فمن المجتمع ... ومنك أولاً أيها الذكر ..
أيها الذي غفرْت لنفسك, ما تقدم من ذنبك وما تأخر ...!
وماذا بعد ..؟
ضلعٌ قاصر ..؟
ضلعٌ أعوج ..؟
قليلةُ عقلٍ ودين ..؟
حاشا لله أن يوكلَ أكثرَ أسُسِ الحياة لأنثى...!
على هذه المواصفات...
أنا حرْبةٌ في حلق كلِّ ظالمٍ رفض أن توقظه شمسُ الحق, واستمر في غِيِّه وصَلفِه وجهله..!
الحياة أولها أنثى وآخرها أنثى ..
وأهم مُسميات الكون أنثى ..
السماوات, الأرض, المجرات, الجنة.....................!
لنُنصفَ أنفسنا أيها الرجال...
مِنْ تحجُّر أفكارنا المهترئة العفنة ..
قل هي السندُ عندما تكون ..!
وعندما تغيب ..
كم أنت في حياة ولدِكَ في أول سِت سنواتٍ من عمرك ..؟
نَعِمْتِ أنتِ أيتها الملاك على الأرض ..
ونعمْتُم أنتم أيها الرجال الأتقياء الذين تدينون لها بالفضل والعرفان ..
هذا التذكير المحيي لموات النفوس ..
لطلاب الحياة, المتوازنة, التي لا ترى المسير إلا على قدمين واثقتين.
أحمد الشيخ علي.



الاثنين، 14 أغسطس 2017

نفحات إيمانية .. بقلم الشيخ أسامه موافى

✿❁﴿ فأثابكم غمَّا بغمٍّ ﴾✿❁
هل تخيلتم يومًا أن الغمَ مثوبة ؟
لم يقُل فأصابكم بل فأثابكم !
فيا أيها المهموم الله يبتليك ليُهذبك لا ليُعذبك ..

يقول الشيخ المغامسي : تأكد أن كل الأحزان التى تمر بك إما لأن الله يحبك فيختبرك ، أو أنه يحبك فيطهرك من ذنوبك ، يوما ما ستكتشف أن حزنك حماك من النار ، وصبرك أدخلك الجنه. 


*****

 
##لا تحتقر الناس وأعمالهم ##
عن جُندب بن عبدِ الله رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (( قَالَ رَجُلٌ : وَاللهِ لا يَغْفِرُ اللهُ لِفُلانٍ ، فَقَالَ اللهُ عز وجل : مَنْ ذا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ ! فَإنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ ، وَاحْبَطْتُ عَمَلَكَ )) .
رواه مسلم .


*****

الجمعة، 11 أغسطس 2017

مجموعة من أشعار الشاعر ياسر الغريب

حروفك نار
بتاكل فيك

فبطل لعب
بقي بالنار

ماتستهونش
لما إيديك

بتكتب فيك
دي مش أشعار

وبطل مسح في المكتوب
علي جبينك

وبطل لعب
بالأحلام
لاتلعب بيك

حروفك نار
بتاكل فيك


 ***



بتروح بأحلامي
وارجع لأحزاني

بتسيب إيديا باتوه
في بحر حرماني

شديني
عالي الموج

والدنيا هداني

***

صوابعك شمع
وكاسك دمع
وناسك
ولا بصر ولا سمع
حياتك بوح
ورايحه الروح
و كفك في الحديد مدبوح
وبتولع صوابعك شمع

***

 
صرخه واقفه ف صدري ماسكه في الضلوع
زي سحابه سودا
بتحوش دموع

سد للفيضان يا قلبي
بس شقاك الصدوع

*** 



 

عرفان بالجميل .. بقلم الشيخ أسامه موافى



عرفان بالجميل
"يدهشنى ويؤلمنى أن أستحضر قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
"إنّ حُسنَ العهدِ من الإيمان"

هى إيماءة توقظ الوفاء لأهل العطاء!
وتربى فى المتربى أن يلتفت فى طريق الحياة، ولا يغيب عن باله ولا يتغابى عمن أسدى إليه جميلا -ولو لمرة واحدة!
{إنّ أبى يدعوك ليجزيَك أجر ما سقيت لنا}
فالنبلاء لا يضيع عندهم معروفٌ، بل الأمر لا يستدعى استحضارًا ولا تذكّرًا فى كثير من الأحيان والأحوال ...

فأين نحن من الأخت (كبرى أو صغرى) التى تتقمص دور الأم، بحنانها وتفانيها، ومع السنين كل جهدها ينسى!
وأين نحن من عمة أو خاله أحبتنا ووصلتنا صغارنا وجحدناها كباراً !
وأين نحن من زوجة خال أوعم، عاشرت بالمعروف والإحسان والنبل والذوق سنين طوالا ...
تجرعت غصصًا، وكظمت غيظًا، واتّقت ربًّا، وجمعت شملًا ...

وأين نحن من زوجة أخ، تحملت حملًا، وأظهرت عقلًا، وبذلت لطفًا، ولزوجها أكرمت أمًّا وأختًا، مع أنّ عِشرةَ النساء تحتاج صبرًا!
وأين نحن من جارةٍ أو صديقة بذلت المروءة والندى، ومع الأيام تُنسى؟!
وأين نحن من أب أو أخ أو عم أو خال أو وفِي !؟
قريب طيب !؟
قريبة كريمة !؟
زميل محسن ؟!
زميلة صادقة ؟!
جحدناهم بل ربما أذيناهم 💔 ؟!
لو كانت فواتيرًا أمام أعيننا لسارعنا إلى سدادها، ولكننا ننسى أنّ علاقاتنا تحكم علينا بنص الحديث:
"إنّ حُسنَ العهد من الإيمان"!

فبين الوفاء والجفاء تبدو سلوكيات نحسبها صغيرة وهى ليست كذلك!
مكالمة تفقدية
لمسة حب
وكلمة حق
ورسالة شكر
تعيد الروحَ لأرواح أنهكها الجفاف والجحود، وقد بذلت فضلًا لا فرضًا!
وليكن حادينا:
"من لا يشكر الناس لا يشكر الله"

ثقافة الشكر واللطف والإنصاف هى ثقافة تعيد للإيمان حلاوته ... فهلّا تذوقناها؟
كل الشكر والعرفان لكل من قدم لى معروفا ممن عاشرتهم فى حياتى.
🌱🌱 فاللهم أحسن لكل من أحسن إلي🌱🌱
🌸🌱🌿أسعد الله أوقاتكم وأيامكم بكل خير وسلام وسعادة 🌱🌿✍🏼
🌱🌱 سعادة وشكر يدوم